بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي حمد ذاته بذاته ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، معدن سره ومهبط هباته، ورضي الله تعالى عن صحابته الأكرمين، الذين قاموا بأعباء الدين، وأسسوا دعائمه وتحملوا مشقاته، وعن الأئمة التابعين المهدين، الصوفية الصلحاء العلماء العاملين لوجه الله رب العالمين.
فأقول وأنا الفقير العبد المفتقر إلى الله، عبد الباقي عمر أحمر المكاشفي:
أما بعد فإلى كافة عموم المشايخ والمقاديم والمريدين الصادقين: أعلموا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الدين النصيحة، فقالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولرسوله ولجماعة المسلمين، وعليه أوصيكم بتقوى الله تعالى، وإتباع الكتاب والسنة، وملازمة الأذكار، والأكل من الحلال، أخدموا لدينكم، ولا تكلفوا الناس، وأعلموا يقينا أننا عبيد الله، تجمعنا الطاعة، وتفرقنا المعصية، وعليكم بملازمة الأوراد والعزلة والجوع، فإن البطنة تذهب الفطنة، وإياكم والمزاح، فإنه بذرة العداوة، واستعينوا بالصبر في كلا الحالتين الشدة والرخاء، وعليكم بمواساة الإخوان وحسن المعاملة مع الجار وإكرام الضيف والحب والبغض في الله، وعليكم بترك الحقد والحسد، فإنهما يأكلان الحسنات كما تأكل النار الحطب، وأوصيكم بالزهد والورع وترك الغيبة والنميمة، وإياكم وسفاسف الأمور، وعليكم بالعفاف، تكونوا عراف، واجتنبوا مخالطة النساء فإنهن حبال الشيطان وشركه الذي لا يخطي ، وقد جاء: (ما خلا رجل وامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما)، وقال صلى الله عليه وسلم: "عفوا عن نساء الغير تعف نساؤكم" وقال: "إن المؤمنين كالبنيان المرصوص يشد بعضه البعض"، وقد جاء أيضاً: "إن المؤمن مرآة أخيه"، فسيروا بسير سلفكم الصالحين وأوليائكم الناصحين، وأعلموا أن أصل الطريق الأدب والتواضع والانكسار لله لا لعلة أخرى، ومتى خلا المريد والشيخ والمقدم من الأدب فأنه من الصواب بمعزل، وكونوا رحماء بينكم، فليكرم صغيركم كبيركم، وليرحم قويكم ضعيفكم وغنيكم فقيركم، فإن الراحمون يرحمهم الرحمن، وعلى المريدين الصادقين أن يتأدبوا مع الله بترك محارمه، ومع الرسول بإتباع ملته: (قل إن كنتم تحبون الله فأتبعوني يحببكم الله)، ومع المقاديم والمشايخ فيما يأمرونهم به من الخدمة وآداب الطريق، فان خدمة الإخوان أصل في طريق الرحمن، وعليكم بالصبر والزكاة والصيام والحج إن استطعتم إليه سبيلا، وعليكم بجهاد النفس لأنه الجهاد الأكبر، وأوصيكم أحبابي فادفنوا وجودكم، تنبتوا نباتا حسنا، ومتى خلا المريد من الأدب فأنه لا يشم رائحة الطريق، فحسنوا ظواهركم بالأدب، وبواطنكم بالتقوى، وتزودوا فإن خير الزاد التقوى، وأوصيكم بصلة الأرحام فإنها منعمة في الأجل، والزموا بر الوالدين، واتقوا الله في النساء فأنهن ودائع الله عندكم، قال صلى الله عليه وسلم: "أكثركم إيمانا أكثركم إحسانا إلى أهله"، وأعلموا أن المريد بلا أدب، كالنبات بلا ثمر، طالما ذكرتكم فلم تنفع الذكرى، قال تعالى: {وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين}، وكثيراً ما قلت فلم أر لقولي أثراً ولا لنصحي متحصلاً، قال تعالى: {وتعيها أذن واعية} وفيم التهاون بأمر الله ورسوله، والتكالب على الدنيا وحب الراحة، وعن قريب يصير الواحد منكم ترابا، وتعود الديار خرابا، وأوصيكم بالسمع والطاعة لولاة الأمور منكم، وأداء ما لهم عليكم وأرجو أن تصغوا لقولي وتعملوا بنصيحتي، حتى أرى لها أثراً ونتيجة تحمد عاقبتها، وإنني أتبرأ من حولي وقوتي، وأعتصم بحول الله وقوته، وأساله العفو والمغفرة، وأساله أن يكون آخر دعواي أن الحمد لله رب العالمين.
والدكم: عبد الباقي عمر أحمد المكاشفي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق