الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد الأولين والآخرين وعلى آله وصحبة وسلم ، الحمد لله الذي هدانا لطلب العلم واسأله تبارك وتعالى أن يكرمنا بنور الفهم وان يجعلنا من أهل الصبر والحلم واسأله جل وعلا أن يجملنا بالعافية ويكرمنا بالتقوى إنه على كل شي قدير وبعد :
انه من المعلوم للكبير والصغير وللقاصي والداني وللعربي والعجمي من علماء هذه الأمة الفاضلة أن علم التصوف من أجَّلِ العلوم الإسلامية التي قامت علية الشريعة الإسلامية ، ونحن عندما نقول علم التصوف فإننا نعني بهذه الكلمة التصوف الصحيح الذي لا يخرج عن الكتاب والسنة ، التصوف الذي بُنيت أُسُسَهُ وقواعده على الكتاب والسنة ، ولكننا في هذا الزمان ومنذ قرون عدة بدأنا نرى ونسمع ان هناك من يضرب بهذا العلم الجليل عرض الجدار، وهناك من أخرجه عن الإسلام ، ومنهم من نسبه إلى الأديان الأخرى ، ومنهم من جعله زندقة ، ومنهم من كفر الصوفية وأخرجهم من الملة ،إلى ما هنالك من الاتهامات التي توجه ضد التصوف وكل هذا من اجل ماذا ومن قِبَلِ من ؟ من اجل حثالة من الأدعياء الذين نسبوا أنفسهم للتصوف فهل هذا عذراً لكل هذا الاتهامات ، ومن قبل حثالة ممن ادعوا السلفية وهي منهم براء .
ولو رجعنا إلى علماء الأمة الأفاضل العلماء الأبرار الأخيار لوجدنا أكثرهم يثنون على الصوفية والتصوف خيراً كالإمام مالك وأبو حنيفة والشافعي واحمد بن حنبل والنووي والغزالي والسبكي والعز بن عبد السلام والجنيد البغدادي والإمام الجيلاني ومعروف الكرخي والسري السقطي رحمهم الله تبارك وتعالى ، وهناك من العلماء من هاجم الصوفية والتصوف كابن تيمية ولكنهم تكلموا بأدب وتكلموا آمرين بالمعروف وناهين عن المنكر وفرقوا بين الصوفية وأدعياءهم ، فتارة يثنون على التصوف الصحيح وأهله بالخير ، وتارة يهاجمون الأدعياء والدخلاء دون إساءة للتصوف والصوفية وهذا هو أدب العلم العلماء .
أما أن نأخذ الصالح بالطالح فهذا بهتان عظيم وفرية كبيرة قال الله تبارك تعالى ( وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) الأنعام 164 .
فلا ادري أنتبع كلام هؤلاء العلماء الأطهار الأبرار الأفاضل الذين صدعوا بالخير والفرفان أم نتبع أولئك الذين يريدون ان يقتلعوا التصوف من جذوره دون البينة ودون البرهان بل يريدون ان يأخذوا التصوف ببعض أدعياءه ؟ اعتقد ان العاقل الذي يريد الحق سيتبع أقوال العلماء الذين سنذكر أقوالهم إنشاء الله تعالى لا حقا ً .
والعجب كل العجب ان الذين يحاربون التصوف يبذلون كل الوسائل المتاحة لمحاربته وكأن الله لم يخلق لهم عدوا إلا التصوف وأهله ، فتركوا ملل الكفر والضلال ، وتركوا أهل الغي والإلحاد ، وتركوا أهل الفسق والفجور ، فلماذا كل هذا الإصرار على إلصاق كل التهم بالصوفية دون تفريق ودون مبالاة بما دس على الصوفية من أقوال وأفعال .
والعجب كل العجب أنهم يقبلون انه دس على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانه دس على آل البيت وانه دس على الصحابة وانه دس على العلماء ، ولكنهم لا يقبلون انه دس على الصوفية بل يقولون كلما وجد في كتبهم فهو منهم ولهم ويجدون لأنفسهم الأعذار الواهية والمبررات الزائفة لكل ما يفعلونه ويقولونه . ومن الممكن أن يكفر الصوفية كلها بمقالة يجدها في كتاب ما أو يسمعها من رجل ما فهل هذا من ديننا الحنيف ؟ حاشا وكلا .
بينما تجدهم يستميتون في الدفاع عن علماءهم وأئمتهم مستخدمين كل الأعذار والذرائع الشرعية وغير الشرعية للدفاع عنهم وتبرئتهم مما ينسب إليهم ومما يؤخذ عليهم وإذا ما ثبت لهم خطا احد علماهم أو هفوة من هفواتهم قالوا كلنا يؤخذ منه ويرد عليه والبشر غير معصومين عن الخطأ ، أخطاؤهم مقبولة ولها أعذار وكل عثراتهم مبررة بحجة الأدب مع العلماء الذين لهم فضل وننظر إلى المحاسن ونترك المساوئ .
والسؤال الذي يطرح نفسه هو : أين هذه السماحة مع الصوفية لماذا لا تقولون كلنا يؤخذ منه ويرد عليه ، أم أنها عليهم (الصوفية ) حرام ولغيرهم حلال هذا كيل بمكيالين وإتباع للهوى عافانا الله وإياكم وكل ما يصدر عن علماءهم مقبول دون كيف ودون مثل حتى إن خالف كبار علماء الأمة بل حتى ان خالف الصحابة كمسألة الطلاق ومسألة الزيارة ومسألة التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم.
هكذا هو منهجهم فهل يقبل هذا عاقل , ان أردت الاختلاف فتعلم أولا أدب الخلاف وأدب العلماء في الخلاف والنصيحة على من تضحكون وأي حق تغيرون الحقيقة واضحة كالشمس في رابعة النهار العالم كله يقول بأن هناك صوفية وهناك أدعياء الصوفية إلا هؤلاء يريدون للتصوف انيختفي من حياة الناس وهو روح الدين الذي لا غنى عنه .
والملفت للنظر والمبكي والمضحك بآن واحد هو ان الكثير من أدعياء السلفية يكفرون الناس ويخرجونهم من الملة ويتعصبون ويتشددون وهذا معروف عند الجميع فتجد علماؤهم وفقهاءهم ودعاتهم يتبرءون منهم ويقولون ان هؤلاء ليس سلفية بل هم أدعياء السلفية وإننا لا نكفر احد وهؤلاء لا يمثلون إلا أنفسهم وقد صدرت فتاوى كثيرة بصدد هذا فبالله عليكم هل هذا من الحق في شي تقولون لمن يشوهون منهجكم أدعياء ولا تسمون الذين يشوهون الصوفية أدعياء فأين الحق في هذا ومن المعلوم انه ما من ملة وما من دين وما من علم إلا وله شواذ وكما قيل لكل قاعدة شواذ ومتى كانت كلمة صوفي كلمة منبوذة ومحذورة
كانت كلمة صوفي صفة مدح وتوثيق وقد عرف هذا في كتب القوم وكبار المحدثين إلى ان جاء هؤلاء وجعلوا منها الخطر والشرك والكفر والضلال وراحوا ينفرون الناس منها هدانا الله وإياهم إلى طريق الخير والصواب
وفي الختام الذي نريده منهم هو ان يحكموا بالحق والعدل وليس بإتباع النفس والهوى ونحن لا نريد من هذا الكلام ان نبرأ الصوفية لا بل انهناك من أدعياء الصوفية من أساء للصوفية أكثر بكثير من أدعياء السلفية
وقد كتبت هذه الرسالة لبيان حقيقة التصوف أرد بها على أدعياء السلفية وأدعياء الصوفية مبينا بعض قواعد التصوف الصحيح سائلا المولى عز وجل المعونة والمدد وان يوفقني لما يحبه ويرضاه مستعينا بحول الله وقوته فأنة لا حول ولا قوة إلا بالله متوسلا بالحبيب محمد صلى الله علية وسلم
وصلى الله على سيدنا ومولانا وقرة أعيننا محمد النبي الأمي كلما ذكرك وذكره الذاكرون وغفل عن ذكرك وذكره الغافلون وعلى اله وصحبة وسلم تسليما كثير إلى يوم الدين والحمد لله رب العالمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق